تطور مفهوم الأدب عبر العصور، وتنوعت تسمياته بحسب خصائص كل مجتمع، والمعالم التي يمتاز بها كل عصر على حدة. ولمعرفة دلالات كلمة الأدب لا بد من تتبع مسار كل العصور، وتوضيح مميزات كل واحد منها.
العصر الجاهلي
من المعلوم أنّ الأدب الجاهلي هو الأدب المنسوب لحقبة ما قبل البعثة النبوية، أي الفترة التي عاشها العرب قبل الإسلام. وإذا تتبعنا دلالات كلمة الأدب في العصر الجاهلي، نجدها تدل على صنع المأدبة والدعوة إلى الطعام يقول طرفة بن العبد:
نحن في المشتاة ندعو الجفلى *** لا ترى الآدب فينا ينتقر
وعُرفت كذلك بالخلق الكريم: ففي رد هند ما يدل على هذا المعنى، حيث قالت: إني سآخذه بأدب البعل؛ فهي تقصد بذلك الخلق الكريم الذي ينبغي أن يعامل به الزوج.
عصر صدر الإسلام
وهو عصر بدأ ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى نهاية الخلافة الراشدة. ودل مصطلح الأدب في هذا العصر على التعليم والتهذيب: الثقافة والتعليم، ومما يدل على ذلك قول الرسول صلى اللّه عليه وسلم "أدبني ربي فأحسن تأديبي، وربيت في بني سعد"، والتأديب في هذا الحديث جاء بمعنى التعليم والتثقيف. والتعليم والتهذيب النفسي، ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن هذا القرآن مأدبة الله في الأرض فتعلموا من مأدبته" المقصود أنّ القرآن يجمع الآداب التي يدعو الله تعالى عباده إليها من خلق كريم.
العصر الأموي
وهو عصر انتقال الخلافة إلى دمشق، فاتسعت بذلك الدولة الأموية، وتأثرت بالحضارات المجاورة، وفيما يأتي توضيح دلالة الأدب في العصر الأموي؛ إذ عُرف الأدب بالتعليم والتأديب، حيث كانت طائفة من المعلمين يلقنون أبناء القوم الثقافة العربية من شعر وخطب وأخبار العرب وأيامهم في الجاهلية والإسلام. ومن أمثلة ذلك قول عمر بن العزيز لمؤدبه صالح بن كيسان: كيف كانت طاعتي إياك وأنت تؤدبني؟ قال: أحسن طاعة. فقال: فأطعني الآن كما كنت أطيعك.
العصر العباسي
العصر العباسي بدأ سنة 132 هجرية بعد انهيار الدولة الأموية، وانتهى عصر العباسيين بسقوط بغداد في أيد التتار سنة 656 هجرية، وقد تميز عصر الخلافة العباسية بقربها من بلاد فارس، بعد نقلهم للخلافة من الشام إلى العراق، فازدهر الأدب بعد تعدد أجناس المجتمع العباسي وتنوعه، واستمر المعنى التعليمي والتهذيبي في هذا العصر، واتسع ليشمل الثقافة العربية بمفهومها العام، واتسع نطاق كلمة أدب فشملت الشعر والنثر وما يتضمنها من أخبار، وشملت كذلك مسائل النحو والصرف والنقد، فكانت بداية لتأليف كتب تتضمن هذه المعاني ومنها: كتب ابن المقفع الأدب الصغير والأدب الكبير؛ ويتضمنان مجموعة من الحكم والنصائح في الأخلاق والسياسة. وكتاب لأبي تمام ديوان الحماسة في بابه الثالث والمتعلق بالأدب، حيث جمع فيه مختارات من طرائف الشعر، إضافة لكتاب طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي، والبيان والتبيين للجاحظ، وأدب الكاتب لابن قتيبة، وغيرها من التأليفات التي جاءت بنفس دلالة الأدب التي ذُكرت سالفا.
العصر الحديث
حدد الكثير من الباحثين والأدباء فترة الأدب الحديث، واتفقوا على أن بدايته تزامنت مع حملة نابليون لمصر عام 1798م، إلى حدود اليوم.
وعُرف الأدب بالإبداع، وما ينتجه الكتاب والشعراء من نصوص لغوية وفنية بغرض التأثير في المتلقي، واقتصر معنى الأدب على الجيد من الشعر والنثر، وعلوم اللغة.

تعليقات
إرسال تعليق