القائمة الرئيسية

الصفحات

 

تشكيل الصورة الإعلامية

 

 

 تساهم وسائل الإعلام في تغيير الرأي العام، وتنتج الصورة وفق ما تقتصيه الظرفية والمناسبة، "وتمارس وسائل الإعلام ثلاثة أدوار في خلق الصورة، وهذه الأدوار هي أن تكون ساحة أو طرفا أو أداة لطرح التصورات، إذ تلجأ الحكومات والقوى السياسية المختلفة لاستخدام وسائل الإعلام كمساحة تطرح فيها تصوراتها أو قد توظفها أيضا كأداة لدعم أو تثبيت تصوراتها"[1]، والإعلام مسؤول عن الصورة، ويتبع ما تصنعه الحكومات والقوى الفاعلة فيه دون قيد أو شرط، فهي المسؤولة عن ما تبثه المحطات الإعلامية، باعتبارها مصدرا لها، ومصدرا للسلطة الصورة.

وتتحكم عدة عوامل في تشكيل الصورة الإعلامية:

عوامل سياسية

تعتبر الصورة الإعلامية حلقة وصل بين المتلقي والنخب السياسية وصناع القرار؛ وعليه فإن الصورة تبعث القرارات والرؤى المقترحة إلى الجمهور للحصول على تأييده ودعمه.

وتخضع الصورة قبل بثها لمجموعة من المعايير، نذكر منها: 

  • سلطة سياسية: موافقة الصورة لرغبات وتوجه السلطة القائمة على الخطاب الإعلامي، ويجعل بذلك الصورة في خدمة مصلحة فئة معينة على حساب فئة أخرى؛ نتيجة للرقابة والتشريع الذي يسمح -للسلطة والنظام القائم في البلد- من استغلال الوسائل الإعلامية، والتحكم في برامجها التي تتماشى مع أفكارها وخططها. 
  •   سياسة المؤسسة الإعلامية: تنشر المحطات الإعلامية ما يتناسب مع فكرها، وتصبح الصورة الملتقطة والمنشورة في خدمتها وخادمة لها؛ إذ تتعمد نشر صور معينة، وتعيد تكرارها للمشاهد، واستبعاد أخرى؛ بغرض إبقائها في ذهن المشاهد، عن طريق استخدام آليات كالتكرار والمتابعة وتعبئة الجمهور بتخويفه وترهيبه وترغيبه.   
  •   الصراع السياسي: يتم من خلاله استغلال بث الصورة للتعبير عن رد فعل عالمي، وتتحول بذلك إلى مصدر رأي سياسي عالمي.

عوامل اجتماعية وثقافية

توظف الصورة لتحريك المشاهد والتأثير عليه عبر استخدام آليات وأساليب تركز على نشر معلومات ووقائع على التنشئة الاجتماعية والمحيط الثقافي للفرد والمجتمع.


ومن العوامل المؤثرة في تشكيل الصورة نذكرمنها:

  • محاولة استعادة ثقة المشاهد: أدى ضعف ثقة المشاهد في المحطات الإعلامية إلى التمهل في نشر الصورة مخافة تأزيم الأوضاع، ويحاول بذلك الإعلام الحصول على ثقة الجمهور من خلال إعادة تشكيل صورة إيجابية تخدم المشاهد وتوافق رغباته، ومحاولة إحداث تجاوب مع المشاهد عن طريق التفاعل المتبادل بين الوسيلة والمتلقي، "وتعمد وسائل الإعلام في طبيعتها إلى التغيير الاجتماعي، وهي العملية التي يحدث التحول بواسطتها في بناء النسق ووظيفته، وتتحدد عملية التغيير في ثلاثة خطوات وهي الاختراع والانتشار والنتيجة، فالاختراع هو عملية خلق أفكار جديدة أو تطويرها، بينما الانتشار هو العملية التي تنتقل بواسطتها هذه الأفكار الجديدة خلال نسق اجتماعي معين، ويقصد بالنتيجة ذلك التغيير الذي يحدث داخل النسق بعد تبني بعض التجديدات أو رفضها"[2].
  • مواكبة ثقافة المجتمع: تُعرض الصورة وفق السياق الأخلاقي وقيم المجتمع المخاطَب، حيث ينتقل هذا الخيار بموازاة الممارسات الثقافية من فكر وترفيه وتسلية، فأضحت الصورة مصدرا من مصادر المعلومات المتوارث عليها، وأداة يستعين بها القائمون على الإعلام لإبراز مجموعة من المعارف والتقاليد والعادات التي يزخر بها البلد، "بناء على ذلك، فإن الاستقبال الصحيح لرسالة بصرية ما يفترض وجود رصيد اجتماعي وثقافي ومكتسبات فكرية"[3].

 عوامل اقتصادية

لا تنحصر الصورة في الأبعاد السياسية والاجتماعية والثقافية فحسب، بل تتجاوزها إلى ماهو اقتصادي، وبالأخص علاقة الصورة الاقتصادية التي تعرف أهمية كبيرة لدى أصحاب القرار والقائمين على الإعلام بدرجة أولى، والمشاهد بدرجة ثانية، فالنشاط الاقتصادي يتوقف بشكل مباشر على تطور الصورة الإعلامية، حيث تؤدي الصورة الإعلامية دور التسويق الاقتصادي، ومحاولة الحصول على ربح وعائد مالي مهم بالترويج لأحد الشركات الاقتصادية، وبخاصة المتعلقة بالدولة، رغبة في تغيير الرأي العام والتأثير عليه.

ويتحكم أصحاب القرار في تشكيل الصورة الإعلامية من خلال:

  •    استخدام وسائل الإعلام لتحقيق المصالح والأطماع. 
  •   توظيف وسائل الإعلام للتعريف بشركات الإشهار العالمية، وتسويق منتجاتها، "في مجال المؤسسات الاقتصادية مثلا، يمكن لشركة ذات نفوذ وقوة كبيرين أن تشوه الفضاء الاقتصادي في كليته تقريبا؛ يمكن لمثل هذه الشركة عن طريق خفضها للأسعار أن تمنع دخول أطراف جدد إلى هذا المجال، يمكنها أن تنشئ نوعا من القيود أو العوائق التي تمنع الدخول في هذا المجال."[4]


[1] انتصار إبراهيم عبدالرزاق وصفد حسام الساموك، الإعلام الجديد.. تطور الأداء والوسيلة والوظيفة، ص77

[2] محمد صاحب سلطان، الدعاية وحروب الإعلام، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة1، ص37

[3] جوديت لازال، الصورة، ترجمة: حميد سلاسي، مجلة علامات، العدد5، سنة1996

[4] بيير بورديو، التلفزيون وآليات التلاعب بالعقول، ترجمة: درويش الحلوجي، دار كنعان، دمشق، الطبعة1، سنة 2004، ص85

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات