تعرف هذه الفترة التي عاشها العرب بفترة ما قبل الإسلام، أو العصر الجاهلي لِمَ كانت تتميز به العرب في ذلك العصر من نزعة قبلية والدعوة إلى الحروب، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك في الموضوع السابق تطور مفهوم الأدب ويقصد بالأدب الجاهلي ما ينسب إلى العرب من شعر ونثر فيما بين 150 سنة أو 200 سنة قبل الإسلام.
فما هي الظواهر الأدبية التي سادت في العصر الجاهلي؟
الشعر الجاهلي
وتميّز بتعدد أغراضه بفعل تعدد الموضوعات المتداولة خاصة في المعلقات التي افتتحت بمقدمة طللية، وتلتها أغراض متنوعة من وصف، ومدح، وهجاء، ورثاء، وبرز كذلك شعر الصعاليك؛ والذي عُرف بالتعبير عن الشكوى ومرارة العيش والفقر، كما تفاخر الصعاليك ببطولاتهم وشجاعتهم في محاربة العدو، والإشادة بكرم وضيافة القبيلة، وقد أشرنا سابقا لفترة الشعر الجاهلي بتفصيل في موضوع: الشعر الجاهلي
النثر في العصر الجاهلي
تنوعت أشكال النثر في الشعر الجاهلي، وأسهمت في التأثير وإثارة العواطف على غرار ما فعله الشعر في نفوس البشر، رغم أنها لم تصل لمنزلة الشعر من حيث الاهتمام والمتابعة.
ومن بين
أشكال النثر في العصر الجاهلي، نجد: الخطابة، المنافرة، الوصية، الأمثال، الحكم
الخطابة
فن نثري يلقيه الخطيب بهدف التأثير في المتلقي، وإقناعهم بمسألة أو قضية ما تخص موضوعا من الموضوعات، فكان لكل قبيلة خطيب خاص بها، يقوم للدفاع عنها، "وكان الشاعر في الجاهلية يقدم على الخطيب لفرط حاجتهم إلى الشعر الذي يقيّد عليهم مآثرهم ويفخم شأنهم... ويخوف من كثرة عددهم... فلمّا كثر الشعر والشعراء، واتخذ الشعر مكسبة، ورحلوا به إلى السوقة وتسرعوا إلى مدحهم صار الخطيب عندهم فوق الشاعر"[1]
ومن نماذج الخطابة في العصر الجاهلي، ما قاله قس بن ساعدة في خطبته المشهورة:
"أيها الناس اسمعوا واعوا، إنه من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، ليل داج، وسماء ذات أبراج، بحار تزخر ونجوم تُزهر، وضوء وظلام وبر وآثام، ومطعم ومشرب، وملبس ومركب، مالي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون؟ أرضوا بالمقام فأقاموا؟ أم تُركوا هناك فناموا؟ وإله قُسٍّ ما على وجه الأرض دين أفضل من دين قد أظلكم زمانه وأدرككم أوانه، فطوبى لمن أدركه فاتبعه، وويل لمن خالفه".
المنافرة
"المنافرة نوع من النثر الجاهلي، وهي عبارة عن حوار يدور بين اثنين، يبدأ هادئا ثم تشتد حدته ويطول بينهما الجدل واللجاج، فيلجآن إلى المنافرة، إلى التحكم إلى شريف، أو عظيم منهم ليفصل بينهم، ويظهر الحق في جانب أحدهما أو يسوي بينهما"[2]
ومن بين أشهر المنافرات؛ منافرة عامر بن الطفيل وعلقمة بن عُلاثة: "يحكى أن عامرا تصدى لعلقمة ينازعه الشرف في قومه واشتعل الخلاف بينهما ومما جاء على لسان عامر: والله لأنا أشرف منه حسبا، وأثبت منك نسبا، وأطول قصبا.
فرد علقمة: أنافرك وإني لبَرٌّ وإنك لفاجر، وإني لولود وإنك لعاقر، وإني لوفي وإنك لغادر.
فقال عامر: أنافرك وإني أنشر منك أمة، وأطول منك قمة، وأبعد همة.
تصدي للحكم هَرِمُ بن قُطبة الفزاري فقال: أنتما كركبتي البعير، تقعان إلى الأرض معا، وتقومان معا"[3]
الوصية
الوصية فن أدبي، وهي قول سديد، يصدره إنسان حكيم قصد توجيه أو تصويب رأي وقضية خاصة، وتعرض الوصية عند فراق الأهل والأحباب، وتتميز الوصية بالإيجاز، وتتضمن حكما وأمثالا تحث على الخير وتنهى عن الشر.
الأمثال
المثل هو قول موجز يهدف إلى تشبيه حال بحال أخرى مشابهة للحال الأصلية، وعُرف العصر الجاهلي بكثرة الأمثال في معظم شؤونهم، وتناقلوها في خطبهم ووصاياهم. ومن الأمثال المشهورة:
- تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها
- أسمع جعجعة ولا أرى طحنا
- من استرعى الذئب ظَلَمَ
الحكم
الحكم هي قول تُعبّر عن خبرة وتجربة سالفة، تعلمها الفرد من خلال معاناته في الحياة، ومن الحكم قول أكتم بن صيفي في بعض خطبه:
- مصارع الرجال تحت بروق الطمع
- خير الأعوان من لم يراء بالنصيحة
- رُبّ قول أنْفَذُ من صَوْل.

تعليقات
إرسال تعليق