القائمة الرئيسية

الصفحات

الخطاب الإعلامي الأسس والأشكال

 

الخطاب الإعلامي الأسس والأشكال

الخطاب الإعلامي هو خطاب إقناعي، "أي إقناع الواقع وتصوره وفق إدراك مسبق لما يجب أن يكون، ويتم تمثله في نظام من المفاهيم، والتصورات، والمقترحات، والمقولات التي تتميز بمنطق داخلي بحكمها، بغض النظر عن طبيعة هدف الإقناع، والاستجابة السلوكية لما يقوله، ويتسم بطقوس معينة، وله خصائصه وأبعاده الطقوسية"[1]

واستطاع الخطاب الإعلامي تسليط الضوء على معظم القضايا، والمتاجرة فيها، وصنع العديد من الأزمات؛ للتحكم في الرأي العام، وامتصاص غضب الشارع، ليحصد ما يريد، فالخطاب يتحرك بأوامر عليا (السلطة الحاكمة؛ أو الجهة الحاضنة والمسؤولة عن الخطاب)، ويَنْفُذ إلى تحليل الأحداث والغوص فيها، ويحدد الإشكالات وكيفية معالجتها تحت مسؤولية وسلطة أصحاب القرار.

 

الأسس والقواعد التي تحكم الخطاب الإعلامي

   يتسم الخطاب الإعلامي بمجموعة من الأسس والقواعد، "وهذا يعني أن الخطاب المنجز يكون خطابا مخططا له، بصفة مستمرة وشعورية. ومن هنا، يتحتم على المرسل، أن يختار الاستراتيجية المناسبة التي تستطيع أن تعبر عن قصده"[2]، وتتمثل في:

  •     الشمول: تناول القضايا التي تهم أكبر عدد من الجماهير، والخاصة بمتطلباتهم ورغباتهم، عن طريق الاعتماد على التوظيف المنسق للمعلومة، وتوضيح الفكرة والمعلومة على شكل قصص درامية مشوقة تشجع المتلقي على إكمال الخطاب ومتابعته برغبة وشغف كبير. 
  •    التفاعل: التفاعل مع الأحداث، وتبادل المعلومات مع المتابعين بدافع خلق حوار متكامل يجعل المتلقي متفاعلا مع الحدث. 
  •      التهييج: تهييج الجمهور، واستهداف مشاعره بغرض التأثير في قراراته وقناعاته، واستمالته لموضوع وفكرة معينة.
  •  الإيديولوجيا: يحمل الخطاب الإعلامي وجهة نظر إيديولوجية تتحدد بالصياغة الخبرية للقصة أو الموضوع المطروح.

  • سياسية: وتظهر في التوجه السياسي للوسيلة الإعلامية، والرموز السياسية الحاضنة لها؛ إذ تمثل السلطة الممثلة في الإعلام أداة متحكمة في الخطاب، عن طريق الترويج لأهداف وأجندات سياسية معينة. وتركز بعض وسائل الإعلام العربية على الدعاية بدرجة أولى، والمقصود بالدعاية عند المحدثين "نشر الدعوة لشخص ما، ضرب ما، أو مبدأ ما"[3]، والهدف من ذلك توضيح دور النظام السياسي في البلد، ودوره في الحفاظ على استقرار البلد وأمنه،  في مقابل مهاجمة الخصوم والأنظمة المخالفة.

 

الخطاب الإعلامي وأشكاله

يركز الخطاب الإعلامي المعاصر على القضايا التي تهم وتستأثر باهتمام عدد كبير من الجمهور، ومن بينها:

  •      التركيز على القضايا الراهنة والأكثر جاذبية، انطلاقا من استخدام معلومات دقيقة تتحكم في تغيير المواقف، والحكم على الأشياء، وتؤثر في الجانب المعرفي للأفراد بنشر وبث سلسلة من الخطابات المتسلسلة، وقد يصبح الخطاب المُعَبَّر عنه سببا في تميز المحطة أو القناة المسؤولة عنه ( ما قدمته قناة الجزيرة من تغطية شاملة لأحداث 11 شتنبر2001) نظرا للمستوى الكبير الذي تعبر عنه، والأخبار المقدمة، وتقدم أيضا فرصة إبداء الرأي في القضايا المُثارةِ ومناقشتها بنوع من الحرية، مع تقديم استفتاءات خاصة بالجمهور حول الموضوع المُثار سالفا نظرا للدور الذي يقدمه الجمهور من أجل إنجاح القنوات والمحطات الإعلامية.

  •      تفسير المسكوت عنه، "ومتى دل الشيء على معنى فقد أخبر عنه وإن كان صامتا، وأشار إليه وإن كان ساكتا"[4].

  •      الإثارة والتشويق في الخطاب، حيث تجعل المحطات الإعلامية الخطاب سلعة تباع للجمهور، والذي يتحول إلى زبون مدمن على تتبع الحدث المُثار، ومعرفة تفاصيل الوقائع، ويجبره الإعلام على قبول سلسلة الأحداث المُقَدَّمة لفهم طبيعة هذه الأحداث ودلالاتها.

يتصف الخطاب بنوع من الخصوصية لما يشتمله من رموز ومعاني قد يصعب فك شفراتها، وتأويلها وفهمها، لذا يتم شرح هذا الخطاب وتحليله عن طريق التسويق الإعلامي ضمن باقة من البرامج التحليلية التي تبرز السياق العام، والتطورات التي أنتجت الخطاب، ومراحل تشكله، فصناعة صورة الرئيس تستوجب سياقا معينا، ومفاهيم مناسبة للمقام.

وتساهم وسائل الإعلام في تزويد الجمهور بمجموعة من الأخبار، والمعلومات المتعلقة بأحداث آنية وأخرى مضت، "فالإشارات والرموز وأصول القواعد التي يستند عليها المرسل معروفة تماما لدى الملتقط، بحيث يسهل عليه استيعاب المرسلة، وفهم دلالتها الذهنية، بمعنى آخر، يجب أن تكون للملتقط معرفة تامة مسبقة بأصول قواعد تركيب الرموز والإشارات الواصلة حتى يسهل عليه عند الالتقاط جمعها في سياقها السليم، وتركيب مجموعاتها في أشكال متناسبة مع مقاصد المرسل الأكيدة، ومن ثم إدراك دلالاتها أو مضامينها انطلاقا من هذه الأشكال"[5].

وتختلف هذه الوسائل بحسب مصدر خطاب الجهة الحاضنة لها، فقد تختلف في نقل المعلومات وتقديمها بصورة موضوعية ودقيقة، وتحري الصدق في القول والفعل، بحيث يظهر التطابق بين الوسيلة الإعلامية والمواقف السياسية للأنظمة الحاكمة.

ويصنف الخطاب الإعلامي من حيث الموضوع إلى خطاب ديني، وخطاب سياسي، خطاب إشهاري، وخطاب رياضي، وخطاب اقتصادي.

  •      الخطاب الديني: وسيلة توصيل المعنى الشرعي، بالاستناد إلى مصادر التشريع الإسلامي (القرآن والسنة والإجماع).

ويرتبط مضمون الخطاب الديني بحاجيات المسلمين، وهدفه توحيد الأمة، ونبذ الصراعات والعنف.

 

  •     الخطاب السياسي: خطاب سلطوي، مرتبط بالقوى السياسية، وصراعها حول السلطة، وهو وسيلة لاكتساب السلطة وممارسة السلط، وإقناع الجمهور والتأثير على اختياراته.

والخطاب السياسي خطاب منعدم المصداقية، تحكمه المصلحة الفردية والخاصة.

 

  •     الخطاب الإشهاري: خطاب دعائي تسويقي، وهو وسيلة للتواصل مع الجمهور عن طريق تقديم منتج أو صورة ما وعرضهما.

ويهدف الخطاب الإشهاري إلى جذب المشاهد من خلال التسويق والدعاية للمنتجات، ويحمل الإشهار رسالة سياسية بهدف تقديم رأي خاص، أو قرار سياسي.

 

  •      الخطاب الرياضي: خطاب وظيفته تقديم الأخبار والأنشطة الرياضية، ومعالجة قضايا الرياضة الوطنية والدولية، وأبرز النتائج المتحصل عليها.

والخطاب الرياضي قائم على النقل، والحوار، والتحليل باستضافته محللين متخصصين في الرياضة وفروعها.

 

  •      الخطاب الاقتصادي: خطاب تحكمه السلطة على غرار الخطاب السياسي.

وهو خطاب رقمي، هدفه إيهام الجمهور وإغراقه وسط دوامة من المؤثرات والأرقام، وتظهر هذه الأخيرة وفق مصلحة القائم على الخطاب، وتضمر في أحيان أخرى لخداع المشاهد، ولإخفاء الأزمات.



[1] بسام مشاقبة، مناهج البحث الإعلامي وتحليل الخطاب، دار أسامة للنشر والتوزيع، الأردن، 2014، ص154

[2] عبدالهادي بن ظافر الشهري، استراتيجيات الخطاب مقاربة لغوية تداولية، دار الكتاب الجديد المتحدة، لبنان، الطبعة1، 2004، ص 56

[3] محمد صاحب سلطان، الدعاية وحروب الإعلام، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة1، 2014، ص80

[4] أبو عثمان عمرو الجاحظ، البيان والتبين، الجزء1، تحقيق عبد السلام هارون، دار الجيل، ص81 -82

[5]جان جبران كرم، مدخل إلى لغة الإعلام، دار الجيل للطبع والنشر، 2008، ص14

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات